منير القادري: التربية على القِيَم أصبحَت ضرورة ملحَّة لتكوين مُواطنٍ صالح

0
299

متابعة – عبد العزيز اغراز

ساهم الدكتور منير القادري مدير المركز الاورومتوسطي لدراسة الاسلام اليوم في فقرات الليلة الرقمية المائة، المنظمة من طرف مشيخة الطريقة القادرية البودشيشية ومؤسسة الملتقى بتعاون مع مؤسسة الجمال في إطار فعاليات ليالي الوصال ” ذكر وفكر “، مساء السبت 16 ابريل الحاري، بكلمة حول أهمية القيم والأخلاق ودورها في تحقيق التأهيل الروحي والتكامل الانساني.

أبرز القادري في مستهل مداخلته أهمية الحديث عن الحاجة للقِيَم والأخلاق نابعٌ من أهميَّته وأثرِه البالغ في ضمانِ عمليَّة التنشئة السليمة، وبناء نموذجِ المواطن الصَّالح المرغوبِ فيه، وكذا تنمية وتطوير هذه القِيَم لديه، وتحصين مجتمعاتنا من التيَّارات اللاقِيَمية الوافدة عليها، خاصَّة في ظلِّ هذا العصر المُعَوْلَم، بقيمه المختلة و وعي أبناءه المغيب، الذي لم تَعُد تشكِّل القيمُ الأخلاقية النبيلة أيَّ اهتمامٍ فيه.

وأضاف في ذات السياق، انه أمام هذا الوضع المتأزِّم على المستوى الأخلاقي، المتمثِّل في الانسلاخ القِيَمي والتصدُّع الحاصل في الهوية الدينية والثقافية لمجتمعاتنا؛ تكمن الحاجةُ الماسَّة لإبراز ما تحتاجه للتصدِّي لهذه الأزمة الأخلاقيَّة وما تستدعيه من توفيرِ مناعةٍ قِيَميَّة ضرورية لمواكَبَة العصر بكلِّ نِدِّيَّة وكفَاءة.

ونبه الى أن اللَّه سبحانه وتعالى حذر البشرية في كتابه العزيز من مغبة تَجاهل البعد الروحي الذي يؤدي الى القلق الفردي، والاضطراب الاجتماعي، و ضنك العيش، وشقاء الحياة، مستشهدا بقوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا﴾[سورة طه الآية124]
و قوله أيضا : ” ألا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ”( سورة الرعد ، الآية 28).

واعتبر أن قضية التربية على القِيَم أصبحَت ضرورة ملحَّة وغاية أساسيَّة لتكوين مُواطنٍ صالح مؤمن بثَوَابته الدينيَّة والوطنية والثقافية، ومنفتحٍ ومَرِنٍ في تعامله، بعيدًا عن كلِّ تعصُّب وتطرُّف، وتابع موضحا ” …تربية أخلاقية تسعى الى إحداث التغيير المرغوب في تكوين الشباب بصقل جواهر روحهم، ووقايتهم وتكوين وعيهم الديني وحسهم الوطني على نحو سليم، وان هدفها تحول البعد الروحي لمقام الإحسان من بعده التربوي النفسي الفردي إلى عملية بناء شاملة و فعالة لحياة الفرد و المجتمع ككل…”. .
وتحدث الدكتور منير عن حرص الطرق الصوفية الأصيلة المتصلة بالسند الصحيح إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على الاعتناء والاهتمام بالمضامين التي تجمع وتوحد وتقرب بين الخلق، مع ترسيخ القيم في نفوس الناشئة والشباب والنساء والرجال، وتابع قائلا ” … قيم المواطنة الإيجابية والبناءة، وقيم الإبداع والإبتكار وقيم التمسك بالثوابت الدينية والوطنية للتحصين العميق، والتمنيع المتين ضد كل أشكال الإستلاب الثقافي والأخلاقي والحضاري، وتشكل أساسا لبنية أخلاقية و مجتمعية متماسكة، فتكتمل بذلك أهم شروط الأمن الروحي الذي لا مناص منه لتحقيق الأمن الحضاري و السلم الاجتماعي…”.
وأورد في هذا الصدد مقتطفا من الرسالة الملكية التي وجهها الملك محمد السادس، إلى المشاركين في الدورة الثانية لملتقى سيدي شيكر : “…. إن انعقاد لقائكم العالمي الثاني من لقاءات سيدي شيكر، تحت رعايتنا السامية، لينطوي على العناية الفائقة التي نوليها لهذه الملتقيات الصوفية، باعتبارها منارات إشعاع روحي وحضاري، رسخها المغرب على مدى تاريخه الطويل.
ويطيب لنا بهذه المناسبة، أن نرحب بكم على أرض المملكة المغربية، التي تعلمون مدى إسهامها، على امتداد التاريخ، في صيانة صرح التراث الروحي للإسلام، وتشييد معالم الحكمة والإيمان، من خلال ترسيخ مناهج التربية الروحية، التي وضع أسسها صلحاء هذا البلد، الذين امتد إرشادهم، في الماضي والحاضر، وعبر الأزمان، إلى مختلف القارات والبلدان، ولدى شتى بني الإنسان.
كما لا يخفى عليكم الالتحام الذي كان سائدا وما يزال، بين إمارة المؤمنين بهذا البلد الأمين، وبين مشيخات التصوف، حفاظا على عقيدته السنية، واختياراته المذهبية”.
وأكد المتدخل أن الطرق الصوفية في المغرب عُرِفَتْ بعملها المنخرط في بناء المجتمع ووظيفتها الروحية الأصلية والمستمرة التي تجعل منها مقوما من مقومات هوية المجتمع المغربي، وعاملا أساسيا من عوامل الحفاظ على رأسماله اللامادي الروحي والقيمي وجوابا شافيا لتساؤلاته الروحية و الأخلاقية.
وشدد على أن تأهيل المجتمع روحياً من خلال تكوين أفراده على القيم الأخلاقية العليا والتحقق بها على يد العلماء الربانين هو المدخل الحقيقي لبناء مواطنة صالحة، وانه لا انفصال بين الصلاح والإصلاح.
ونوه إلى أن “التجربة الصوفية هي ممارسة حية على التحلي بالأخلاق والقيم المحمدية التي لها دور فاعل في بناء الإنسان المتكامل وتحقيق توازنه، غايته النفع و الصلاح و الإصلاح للبلاد و العباد وتحقيق الازدهار والأمن والأمان ونشر قيم إسلام الرحمة والوسطية والاعتدال، إمتثالا لقوله تعالى لسيد البشرﷺ في كتابه العزيز: “وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ” (سورة الأنبياء الآية 107) “.

LAISSER UN COMMENTAIRE

S'il vous plaît entrez votre commentaire!
S'il vous plaît entrez votre nom ici