مقال / يِرم سيك : بين مطرقة المجتمع وسندان النظام”

0
101

بقلم / الطالب / سيدي أحمد غساما
متخصص في الترجمة( العربية-الانجليزية) بجامعة نجران، السعودية.

وسط ساحة السياسة السنغالية المزدحمة، حيث تتضايق أصوات المحللين والإعلاميين، والساسة أنفسهم، ظهرت عبقرية يِرِمْ سِيكْ خارقة للعادة، وشخصيته الفذة تطفو على شاطىء الإعلام السنغالي، معروفا بدهائه ومتميزا بتحليلاته حول الأحداث السياسية، حتى نال بذالك شهرة كبيرة في خضم الساحة، خاصة ظهوره في أيامه الأخيرة أمام شاشة تِفْمْ الإعلامي كمحلل سياسي يقاسم نظراءه طاولة المواجهة ( جاكارلو).
ولكن، سرعان ما أفل نجمه وتوارى خلف ضباب العدم، فبدأت التساؤلات-منذ ذالك- تفتك برؤوس متابعيه، كل يبحث عن سبب أفول هذا النجم الإعلامي الساطع، وخاصة في منصات ” سوشل ميديا “.
مما يجعلنا نطرح بعض الأسئلة لمعرفة السبب ، وهي:
مالذي جعل يِرِمْ يصنع هذا الصمت العميق في معزله بعد أن تعودت العيون رؤيته أمام الشاشة ؟ أهو الخوف من أيدي الحكومة الخفية؟ أم تحرر من ضغوطات اجتماعية شعبية؟

الذي يعرف الشيخ يِرِمْ سيك جيدا، ويتابعه منذ ردح من الزمن، يدرك أن الرجل يتمتع بثقافة لا محدودة، وبذكاء مفرط، وجرأة شديدة في الطرح، يتقن جيدا فلسفة المراوغة والتنبؤات الإعلامية، متمكن في تخصصه( القانون)، غواصا في أغوار زيوو بلوتيكية العالمية، وما يحدث في المنطقة خاصة، يُخرج منها كنوزا ثمينة وعقودا من العقد والترجمان…يِرِمْ واثق بعلمه، عنيد ومتعصب لأفكاره، حتى أوشك البعض أن يطلقوا عليه اسم المتغطرس، الذي يتجبر ويتعالى على الآخرين…
ومهما يكن من شيء، فعلمه مشهود ومسلم فيه، وقد يختلف الناس في مواقفه أحيانا وتحليلاته، التي تميل إلى ( الحزب الحاكم ) تارة وأخرى ( للمعارضة ) ولكن، ما بين الحزبين السياسيين، يبني أفكاره المذهلة بكل حرية واستقلال.
وبالتالي، يتميز يِرِمْ بالمعرفة، بالفكر والخبرة المتولدة من رحم الصحافة والناتجة عن ممارسة مهنة الإعلام، أضف إلى ذالك كله إيمانه الجازم بحرية الرأي والتعبير عما يجول في خاطره، فهو يؤمن بالرأي ويبديه مهما كلفه ذالك من الانتقادات والهجمات التي تأتي من أي مكان.
فكثيرا ما تستند أخباره من أسرار الدولة وخباياها، تحاول افضاحها وكشف عوراتها الإجرامية؛ ما سبب له بعض العرقلات من قبل الحكومة والسير وراءه، انتهى به ذالك إلى محاولة الإطاحة به ودعوته للامتثال والخضوع أمام قاضي التحقيق، وبعد ذالك تم وضعه ” تحت الرقابة القضائية “، وكل ذالك جاء بعد أن اتهم الحكومة وأسرة فاريس اللبنانية بالمؤامرة وغسيل أموال الدولة وتطهيرها بطريقة غير شرعية.
نلاحظ إذن، أنه بدأ يواجه عدة مشاكل مع الحكومة الفيصالية، وعندما يتعلق الأمر بالقانون، كثيرا ما ننترك الساحة للآخرين إن كنا لا نؤمن بفكرة المغامرة، فالمغامرة والتضحية لحاملي لواء الثورات، لا لكهنة الصحافة!

وفي جانب آخر، عانى يِرِمْ من انتقادات لاذعة من بعض الأفراد، الذين لم تعجبهم مواقفه في تحليلاته السياسية، فصاروا يهاجمونه في شخصيته، وحياته الخاصة وحتى في أسرته.
وأقرب مثال، هو نازلة نزلت على يِرِمْ الابن، حيث أُتهم بالاغتصاب من فتاة فرانسو-سنغالية معه في نفس المدرسة، والواضح أن هذه الفضيحة الأخيرة، آلمت يِرِمْ وتركت جرحا عميقا يدب دبيبه في أعماق قلبه.

ويبقى يِرِمْ الآن تائها في ليل لم يقترب نهاره: أمام حكومة مستبدة وجبارة، تطارده بعصا القانون، ومجتمع يكن له الكثير من الضغينة والكراهية، فصار فريسة تهرب من خطورة ذئاب الحكومة، وهتافات شعب لم يقتنع بنبوته السياسة والصحافية، ولم يكن هناك ملجأ برأيه إلا الانسحاب من الساحة السياسية والميدان الإعلامي، ليتمكن بذالك التركيز أكثر والاهتمام البالغ على تربية أولاده والتراجع قليلا عن الظهور، وكأنه في هذه الحالة فيلسوف يعجز عن تحمل مسؤوليته وهموم شعبه الشاردة.

ولكن، عندما تُشن الحرب بين أفكار المفكر والاضطهاد من الأنظمة السياسية الديكتاتورية أو ارهاب المجتمعات التي تعتبر البوح بآرائنا جريمة، هل نبقى نعانقها بكل جرأة، أم التراجع والفرار هما الحل الأنصب لفوز المعركة؟

LAISSER UN COMMENTAIRE

S'il vous plaît entrez votre commentaire!
S'il vous plaît entrez votre nom ici