مقال / قِوَى الشر المُتَّحدة

0
293

بقلم الكاتب / شعيبُ بن حامد لوح

سنةُ التدافع بين الحق والباطل والخير والشر سنة كونية مستمرة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ويتميز حزب الله من حزب الشيطان، فريق في الجنة وفريق في السعير.
إضافة إلى أن التَّكالبَ على أهل الحق واضطهادهم بغية إضعافهم مظهر من مظاهر المحن التي يمتحن بها ربنا عزَّ وجل عبادَه المؤمنين الصالحين، ومن شأن هذه المحنة أن تُنبه المعنيِّين بأمر عامة المسلمين على ضرورة الاستعداد لمواجهة قوى الشر التي دائما ما تمكر بالليل لاستئصال حزب الحق، خصوصا بعد مجيء الأمر في ذلك في قوله تعالى: {وأعِدُّوا لهم ما استطعتم من قُوة ومن رباطِ الخيل تُرهِبون به عدُوَّ الله وعَدُوَّكم}، وليس من العقل والتخطيط الجيد انتظار هجوم العدو، لكن أن يعلم العدو أن التفكير فقط في الاعتداء عليك طريق سريع إلى الانتحار والانمحاء من الوجود.
ما يحدث في فلسطين من انتهاكات للحقوق، وقتل للأبرياء، وتخريب المرافق العامة، يمكن إرجاع سببها إلى عوامل عديدة، من أهمها: انعدام الهيبة، وتشتت الكلمة، وعدم الاستعداد بشروطه اللازمة، بامتلاك أسلحة تُماثل وتحاذي ما في يد العدو، وأعني هنا الدولة المُدللة (إسرائيل)، فهذه الدولة ما كان عليها أن تتجرأ لمهاجمة فلسطين لولا بُنوة قوى الشر من الدول المتقدمة لها (أمريكا، رُوسيا، بريطانيا، فرنسا…) التي تسعى على قدم وساق لتزويد طفلها أحدث الأسلحة الفتَّاكة، وانتهاجها معها مقولة: “عدُوُّ عدوك صديقك”، والعدو الخصم اللدود بدون رِيبة هو: الإسلام.
وإذا كانت قوى الشر في هذه الدرجة من التعاضد والتكاتف ضد الإسلام والمسلمين وليس فلسطين فحسب، كان لزاما على المسلمين أيضا الاتحاد فيما بينهم، علما بأن المعركة هنا معركة قائمة بين (مُمثلي الشيطان وممثلي الرحمان)، وعلى ذلك جاء الأمر الإلهي: {وقاتِلوا المُشركين كَافَّةً كما يُقاتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين}، والمعية هنا كما قال ابن عاشور: “معية تأييد وضمان بالنصر، وليست معية علم؛ إذ لا تختصُّ معية العلم بالمتقين”، وليتم هذا الأمر لا بد من تزويد فلسطين ما ترعى به كرامته، وتقوم به دولته، وتحسن به سمعته، وينأى عنه راغبٌ في الشر.
وإذا اتضح هذا عُلم أن الموقف لم يعد بعد الآن موقف نشر البيانات بالتنديد لما يرتكبه إسرائيل من مجازرَ ضد إخواننا في فلسطين، فللدول المسلمة أن تخطو خطوة فوق ذلك، عبر بُعدَيْن مُهمين: بُعد دِبلوماسي، وبعد اقتصادي.
فالبعد الدبلوماسي بغلق سفارات إسرائيل وطرد سُفرائها، والاقتصادي: بشطب المُنتجات الإسرائيلة، وبذلك فقط يمكن تضييق الخناق على الدولة الصهيونية، وتزداد بذلك الذلة التي ضربها الله عليها {إلا بحَبلٍ من الله وحَبل من الناس}، أي: بعهدٍ منهما، باستنجادها وملاذها بدُول تحميها وترعاها، أي: إن قوتها ليست ذاتية لكن تَستمدُّها من أجانب مماثلة لها في الخُبث والنفاق.
والمسلمون اليوم مدعُوُّون أكثر من أي وقت مضى إلى المساندة والمعاضدة بينهم، كما صوَّرها البيان القرآني: {يُقاتلون في سبيله صفًّا كأنهم بُنيانٌ مَرْصُوص}، وكما وصف رسول الله ﷺ: “المُؤمن للمؤمن كالبُنيان يشدُّ بعضه بعضا، وشَبكَ بين أصابعه”، وإلى الحين الذي نُنفذ فيه مراد الشرع نلوذ بالدعاء الذي هو سلاح الضعيف: أن يُشغل ربنا عزَّ وجل إسرائيل بنفسها، ويكفي لأهل فلسطين شرها، وهو على ذلك قدير، وبإجابة الدعاء جدير.

                ربيعُ الآخر 1445 هجرية.
                   أكتوبر 2023 ميلادية.

LAISSER UN COMMENTAIRE

S'il vous plaît entrez votre commentaire!
S'il vous plaît entrez votre nom ici