مقال / “أنا الغَريقُ، فما خَوفِي مِن البَلَلِ”؟!

0
290

بقلم شعيبُ بن حامد لوح.

شطرُ بيتٍ قاله قديما الشاعر المُتنبي، وهو يعكس واقع الوطن الحبيب السنغال، مع فُشُو ظاهرة الهجرة غير الشرعية عبر البحار المُدلهمَّة والفَيافي المُوحشة منذ أشهر، وهي مغامرة غامضة وسعي حثيث إلى مصير مجهول.
فدراسة هذه الظاهرة بمَعزل عن الواقع المَرير الذي نعيشه حاليا في السنغال لتُعد دراسة أُحادية الجوانب ناقصة، لا تَفي بالغرض ولا تُجدي نفعا؛ علما بأن الشباب ما كانوا ليتجرؤوا على خوض هذه المغامرات لو عرف السنغال حالة استقرار سياسي واجتماعي واقتصادي.
وتأسيسا على ما سلف، فإننا نقدر على أن من أسباب ولادة هذه الظاهرة من جديد ما يأتي:
1- ذيوعُ الظلم وقمع الحريات: ومنذ فبراير 2021م والسنغال يتقلب بين أزمة وأخرى تركت بصمة لا تنمحي، وزعزعت أمن البلد واستقراره. ويعود السبب الرئيسي لهذه الأزمات إلى غياب العدل، ومحاولة تصفية الحسابات عبر ملفات مُسيَّسة خالية من المصداقية، مما أدَّى إلى تخريب ممتلكات وإزهاق أرواح بريئة وإيداع البعض وراء القُضبان ظلما وعدوانا. إضافة إلى تقييد الحريات التي يكفلها الدستور لكل مواطن ما جعل البعض يؤثرون الهجرة إلى دُول الجوار، أو ركوب البحر إلى مصير غير مأمون العواقب.
2- سُوء الإدارة: تُعد الحكومة القائمة أفشل الحكومات فيما يتعلق بالإدارة لثروات البلد وتوزيعها بالإنصاف، حيث أصبحت قاعدة الكيل بمكياليْن رائجة السوق في البلاد، وكذلك ضلوع بعض أقرباء الرئيس وأنصاره في ملفات منها: غسل الأموال والاختلاس والتزوير…، ومرجع كل ذلك إلى عدم تَوسيد المناصب إلى ذوي الأيادي النظيفة والكفاءات التي بها تتقدم أي دولة في العالَم، وتُعد شرطا لازما في التطور والنهضة.
3- ندرة فُرص العمل، وقد تولدت هذه الأخيرة من الثانية، فمصدر الهجرة غير الشرعية نتيجة إدارة سيئة متخبطة تقدم المناصب للقرابة أو من أجل الانخراط في الحزب الحاكم، ما أدى إلى انعدام الشباب الأمل بغدٍ أفضل ومستقبل مُشرق، والإنسان بدون أمل واللاشيء سواء، ومن يكن بهذا الحال يُشبه غريقا لا يخاف من البلل، وقد يمسك بأي وسيلة للخروج من هذا المأزق.
زيادة على أن معظم الشباب علقوا الرجاء والأمل بالمصلح السياسي المعارض عثمان سُونكو وقد زُج هذا الأخير في السجن مع كثير من أنصاره ومحبيه، ثم حُل حزبه، منذ يوليو 2023م، والقصد أولا وأخيرا في هذه الملاحقة هو: تغييب الأمل في نفس الشباب، والمكوث لمدة أطول في كرسي الرئاسة ظنا منهم أن دخوله السجن بمثابة مَوته المُحتَّم وخمود ناره، ولم يعلم الماكرون أن الذَّهب يزدادُ لمعانا بكثرة إصلائه في النار، والله غالبٌ على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

           ربيعُ الآخر 1445 هجرية.
              نوفمبر 2023 ميلادية.

LAISSER UN COMMENTAIRE

S'il vous plaît entrez votre commentaire!
S'il vous plaît entrez votre nom ici