الإنجاز الكبير الذي حققه عثمان سونكو على الساحة السياسية السنغالية في فترة وجيزة أصبح حديث الساعة. لا أقول إنه معجزة، لكنه، وبكل صراحة، كان يُعتبر مستحيلًا بالنسبة لمن ناضلوا ضد النظام السياسي الكلاسيكي الذي خلفه الاستعمار في السنغال.
كان طبيعياً أن يُصبح عثمان سونكو من الآن فصاعدًا نموذجًا يُحتذى به في الميدان السياسية، إلا أن الغيرة السياسية تسيطر على بعض معارضيه، فيتعاملون معه بعدائية، ويتخذونه عدوًا سياسيًا دون أن يتمكن أحدهم من إثبات أي إساءة شخصية صدرت منه تجاههم.

لا شك أن الزعيم سونكو يتمتع بقلب نقي، ولا يُعادِي أحدًا على الصعيد الشخصي. ذنبه الوحيد الذي لن يُغتفر أبدًا، هو حبه العميق للوطن والمواطنين، ولهذا يظل دائمًا أيقونة للتقدم والازدهار في القارة الأفريقية، ورمزًا عالميًا للإصلاح.
الحقيقة الواضحة هي أن عثمان سونكو يجسد المشهد السياسي الحالي في السنغال، وقيمته الاجتماعية والسياسية لا يختلف عليها اثنان. وسواء قبل البعض بذلك أم لم يقبلوا، فإن الثورة السياسية في السنغال تحمل بصمته الواضحة، وما حققه في التاريخ السياسي للبلاد لم يُحققه أحد منذ الاستقلال إلى اليوم.
روح الثورة التي يقودها سونكو تكمن في رؤيته الوطنية الواضحة، التي ترتكز على تمكين المواطنين، وتعزيز الثقافة الوطنية وقيمها، وترسيخ أخلاقياتها، بالإضافة إلى العمل على الحفاظ على التراث المحلي وتنميته.
لقد نقل الروح السياسية في السنغال من الممارسات الكلاسيكية إلى السياسة الفكرية، حيث أصبحت السياسة تعتمد على الفكر والمنطق والأدلة. ومن يفهم هذا التحول العميق ويدرك أبعاده هو السياسي الناضج، الذي يقرأ المستقبل بعقلانية. لكن مع الأسف، فإن الكثير ممن يمارسون السياسة اليوم في الساحة لا يدركون هذا الواقع السياسي، وهو ما أدى إلى خسارتهم المدوية في الانتخابات البرلمانية الماضية.
انطلاقًا بهذا الواقع، من الضروري أن يلتفت الأكاديميون والمفكرون المتخصصون في علم الاجتماع السياسي إلى دراسة شخصية عثمان سونكو، وتحليل الآليات والميكانيزمات التي اعتمد عليها لتحقيق أهدافه السياسية ومواجهة النظام السياسي الكلاسيكي بإمكانياته المحدودة خلال فترة زمنية قصيرة.
ولا يزال واجب السنغاليين يتمثل في الوقوف بجانب عثمان سونكو وحركته “باستيف” لمساندته في تحقيق رؤية “سنغال 2050″، التي قدمها كمشروع نهضوي وتنموي للمستقبل.
بقلم الباحث عثمان سك- سفير الأزهر-
غوساس 21 نوفمبر 2024م