كلمة الشيخ أحمد البدوي امباكي خلال حفل تدشين المجمع الشيخ الخديم للتربية والتكوين.

0
140

بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه،

صاحب السماحة راعي العلم وأهله ، شيخنا محمد المنتقى امباكي الخليفة العام للطريقة المريدية حفظكم الله.
فخامة رئيس الجمهورية السيد ماكي صال .
أصحاب المعالي الوزراء وكبار المسؤولين والسادة المرافقين لوفد فخامة السيد الرئيس .
أصحاب السادة السفراء وممثلي الدول الشقيقة، أيها السادة العلماء والأئمة والشيوخ ممثلو الطرق الصوفية والمنظمات الإسلامية.
أصحاب الفضيلة الشيوخ والأئمة والأساتذة القادمين من البلدان الشقيقة.
أيها الضيوف الكرام .
أيها الحفل الكريم.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

في البداية، نحمد الله سبحانه وتعالى الذي بنعمته تتم الصالحات، وبفضله وعونه تتحقق الرغبات، على توفيقه لنا هذا التوفيق. أيها الحفل الكريم، قبل سنوات أربع اجتمعنا في هذا المكان الطاهر لوضع حجر الأساس لهذا الصرح العلمي الكبير، واليوم نجتمع من جديد بحمد الله تعالى للتدشين؛ لتبدأ العملية التدرسية فيه بعد إنجاز الجزء الأكبر من المرافق، وبعد إعداد البرامج الدراسية بين الدفعة الأولى من المدرسين، واستقبال الفوج الأوّل من طلبة العلم على مختلف المستويات، ليشرفنا صاحب الفضيلة الخليفة الشيخ محمد المنتقى بتلقين وإلقاء الدرس الأول إيذانا بانطلاق عمل هذا الصـ العلمي التربوي المنيف مجمع الشيخ أحمد الخديم للتربية والتكوين.

وهذه المناسبة – أيها السادة الكرام – تكتسي أهمية قصوى للبلد وللأمة الإسلامية بصفة عامة وللطريقة المريدية بصفة خاصة، ولفضيلة شيخنا محمد المنتقى بصفة أخص. فهي مناسبة ولادة صرح علمي يخدم الجميع بنشر القيم الإسلامية الإنسانية النبيلة، ويخدم المريدية بنشر تعاليم مؤسسها السامية السنية وإحياء تراثه الرباني والعلمي الأصيل، ويجسّد عزيمة شيخنا محمد المنتقى القوية على خدمة العلم والدين سيرا على خطى سلفه الصالح من كل ما ينفع العباد والبلاد.

،أيها الإخوة،

إن التربية تعد من مهمات الأنبياء والمرسلين، عليهم السلام، وهي الوظيفة الأولى لسيدنا ومولانا نبينا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى : (هُوَ الذِى بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ وَايَلِيْهِ، وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَلٍ مُّبِينِ) [الجمعة: 2] ولقوله عليه السلام) إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم وإنما بعثت معلما ا مبشرا رحمة مهداة ، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم إن الله لم يبعثني معننا ولا متعنتا ولكن معلما بعثني وميسرا».

ولذلك فإن التربية والتعليم هما من الدعائم الأساسية للطريقة المريدية وأهم ركائزها المتينة وقد كانت عناية مولانا الشيخ أحمد الخديم رضي الله تعالى عنه بهما فائقة جلية في كل أحواله وكتاباته المباركة، وخاصة في قصيدته التي ألفها حين أسس مدينته طوبي يدعو الله سبحانه وتعالى أن يجعلها مدينة علم وعمل وأخلاق حميدة، فقال رضي الله تعالى عنه :

واجعل بنائي بناء عـلـم وعــمــل بسنة
واجـعـلـه دأبـا مســـكـن التعلم
ومـوضـع الـفـكـرة والـتـفـهـم
ومسكن الإرشاد والتعليم
ومن التصويب والتفهيم

إلى جانب خصائص أداء شيخنا الخديم لهذه الوراثة العظمى من مهات الأنبياء عليهم السلام من تعليم وتربية خلق كثير لا يعلم عددهم إلا الله؛ حتى تخرج على يدي تربيته وترقيته أفواج كثيرة من أكابر العلماء العباد الصالحين، لم يكن خافيا على المقربين إلى حضرته المباركة رغبته الشديدة في إقامة مدرسة بمثابة جامعة إسلامية حاضنة ناشرة لكل العلوم النافعة في الدنيا والآخرة؛ ليؤمها الطلبة من كل مكان للارتواء من مناهلها الصافية مدرسة تكون وسيلة ناجعة لمحاربة الجهل، والبؤس والشقاوة، فقال رضي الله تعالى عنه :

بالمصطفى لي بنى القدّوس مدرسة
بها يزول الأذى والـجـهـل والـكـبـد

وفي سبيل تحقيق هذه الرغبة الجلية من الشيخ أحمد الخديم رضي الله تعالى عنه، سعى أبناؤه وخلفاؤه الكرام، مع المريدين، فأبلوا بلاء حسنا في العناية بالمدراس والمجالس التعليمية بالإضافة إلى إسهاماتهم البارزة الخالدة في بناء الوطن ودعم استقراره واستتباب أمنه وسلامته بمختلف الوسائل حتى وصلت الشعلة والأمانة إلى مولانا الشيخ محمد المنتقى حفظه الله تعالى، وكان معروفا لدى الجميع بعنايته الشديدة بالعلم وأهله، فوضع التربية والتعليم في مقدّمة أولوياته، وبادر إلى إطلاق هذا المشروع العملاق، فهب جميع المريدين والمحبين وبذلوا النفس والنفيس في سبيل إنجازه، ولم تتوقف الأعمال منذ انطلاقها في ربيع الأول ١٤٤٠ هـ ( ديسمبر (٢٠١٨م) رغم مرور الأزمة الصحية
الخانقة التي شهدها العالم، حتى وصل مستوى الإنجاز اليوم – بحمد الله وشكره تعالى- إلى مرحلة يمكن للدراسة أن تبدأ في هذا الصرح ، فها هو اليوم يبارك سماحته بداية الأعمال الدراسية مع مواصلة | العمل في المرافق المتبقة القليلة.

أيها الإخوة الكرام

رسم الشيخ محمد المنتقى حفظه الله تعالى ملامح هذا الصرح العلمي الذي أطلق عليه اسم «مجمع الشيخ أحمد الخديم للتربية والتكوين، وجعل شعاره تلك الثلاثية الخديمية «العلم النافع، والعمل الصالح، والأدب المرضي، وأراد – حفظه الله تعالى- أن يكون مؤسسة متكاملة تجمع بين التربية والتعليم والتكوين، يتسنّى للطفل أن يبدأ فيها مسيرته الدراسية من القاعدة إلى القمة، من التعليم القرآني إلى قمة التعليم الجامعي، مؤسسة مبنية على أسس قوية من التربية الإسلامية، تمس جميع مجالات المعرفة الضرورية والحاجية في الحياة الروحية والمادية للإنسان، وتنهض بدور قيادي في المجالات الآتية:

• التكوين العلمي الجامع بين التعليم الإسلامي الأصيل والتعليم الأكاديمي المعاصر؛ . البحث العلمي في خدمة التنمية الوطنية والإقليمية والعالمية؛ . نشر القيم الإسلامية والرسالة التجديدية السلمية لسيدي الشيخ أحمد الخديم رَضَانَهُ عَنْهُ.

وللمجمع مكونات عديدة؛ وهي:

  1. معهد قرآني كبير ؛ 2. مجالس تعليمية (محضرة)؛
  2. جامعة تضم حاليا ثلاث كليات ومعاهد عالية، وهي كلية الدراسات الإسلامية والعربية وكلية الزراعة وتقنيات التغذية وكلية التكنولوجيا والحرف ومعهد اللغات والترجمة والطباعة والمعهد العالي للعلوم والمهن الصحية، ومعهد التصوف والدراسات المريدية؛
  3. إدارة عامة مكلفة بالسهر على التعليم المدرسي في طوبى؛

5 مركز للتكوين المهني؛ 6. مكتبة عامة كبيرة؛

  1. مكتبة خاصة بتراث الشيخ أحمد الخديم رضي الله تعالى عنه (كر قصيدي).

و «المجمع يقوم على أسس من القيم الرفيعة التي من أبرزها الجمع بين العلم والعمل والأدب، والإخلاص، والانفتاح، والأمانة والخدمة . . وهي قيم مستمدة من تعاليم الإسلام وفق منهج مولانا شيخنا أحمد الخديم رضي الله تعالى عنه .

أيها الحضور الكرام،

لا شك أن المجتمع الإسلامي والوطني والإنساني في حاجة ماسة إلى مثل هذه المؤسسات التي

بالتأكيد في التخفيف من وطأة المشكلات التي يعانيها المجتمعات

أيها الحضور الكريم،

اسمحوا لي أن أشيد هنا شاهدا ومنوها بأن المريدين كل حسب استطاعته استجابوا دعوة فضيلة الشيخ الخليفة استجابة منقطعة النظير، شيوخا وعلماء وخبراء وأكاديميين ورجال أعمال وعمالا وحرفيين وأسهموا إسهاما كبيرا في ترجمة رغبة الشيخ وأمره المؤكد إلى واقع ملموس. واسمحوا لي أيضا أن أرفع أسمى آيات الشكر والعرفان إلى سماحة مولانا الشيخ محمد المنتقى حفظه الله تعالى الذي شرفنا بتكليفنا بحمل هذه الأمانة الكبيرة ولم يزل – حفظه الله تعالى – خير عون لنا يؤازرنا بتسديده وترشيده، وتسهيل كل أمر يحتاج إليه المشروع مهما كانت طبيعته.

ويسعدني قبل أن أختم أن ألفت نظر جميع المريدين إلى أن المهمة الكبرى – بمقتضى تلك الهمة العالية لهذا الشيخ – ستبدأ اليوم وهي مهمة تسيير هذه المؤسسة لتؤدي رسالتها باستمرار على أكمل وجه بكل ما يتطلبه التسيير والتدبير من موارد مالية وتقنية ثابتة إلى جانب إكمال المرافق المتبقية وهي مهمة تتطلب منا جميعا شحذ هممنا ومضاعفة جهودنا لكي نرفع معا – بفضل الله تعالى وعونه، ثم ببركة شيخنا أحمد الخديم – رضي الله تعالى عنه – جميع التحديات الماثلة والمتوقعة، لعلنا نحظى بهذه الخدمة الجليلة غير المنقطعة الأجر والثواب إن شاء الله تعالى.

وفي ختام هذه الكلمة نرفع أيدي التضرع والابتهال إلى المولى عز وجل سائلين إياه أن يرضى عن شيخنا عبد الله وخديم رسوله صل الله عليه وسلم وعن جميع أسلافنا ويجازيهم عنا خير الجزاء، ويحفظ شيخنا الخليفة ويمده بالصحة والعافية، حتى يؤدي جميع مهماته في خدمة الإسلام والمسلمين ويحفظ بلدنا وينشر فيه الأمن والسلام والاستقرار والازدهار. وآخر دعوانا أن الحمد للدرب العالمين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

دكارنيوز

LAISSER UN COMMENTAIRE

S'il vous plaît entrez votre commentaire!
S'il vous plaît entrez votre nom ici