وفاة الدَّاعية سرين صالح صو سقوط ركنٍ عظيم من رِجالات الساحة الدعوية في بلادنا، إذْ إنّ المُتوَفَّى المرحوم كان ذا علم وافر ومعرفة غزيرة ترجمتْها أعماله الشامخة الخالصة التي كان يقوم بها لله عز وجل.
وقد رُزقَ بأسلوب حكيم في الدَّعوة ومنهجية دقيقة في إيصال كلماته النورانية إلى قلوب الجماهير، ولذلك كان يستفيدُ من جلساته العلمية خلق كثيرون من كل شرائح المجتمع. كما يُعَدُّ سرين صالح صَو من العلماء القليلين الذين كانوا يتمتَّعون بالحرية الفكرية، والذين فقِهُوا معنى الخلاف ودبَّرُوه، واستَغَلُّوهُ كعامِلٍ لتوحيد المسلمين وتقريب وجهات النظر بين جميع الأطراف العاملة في الساحة الدعوية، فاستطاع بذلك تجاوز حدود التيارات الفكرية التي قد تحبس المقتنِع بواحدة، فيظلُّ أسيرا مُقيدا في أغلالها، ولا يستفيدُ من تجارب الآخرين.
وكان الشيخ صالح صو بشخصيته العلمية ومكانته الدعوية سالكا يتمسك بإرشادات القوم العارِفين، فعاش التصوف الصافي الخالص من كل شائب، والمُتمثِّل في صدق التوجه إلى المولى الخالق عز وجل وترك الالتفات إلى الخلق.
ونال بفقهه الراسخ لرسالة أبي المحامد الدعوية كلياتها وجزئياتها إعجابَ أهل الحق، فكان آمِرا بالمعروف، ناهيا عن المنكر، داعِيا يتناول في جلساته الدعوية موضوعات علمية حسَّاسة لا يتطرق إليها الكثير من الدُّعاة، فبيَّن العديدَ من المفاهيم والممارسات الخاطئة التي تُنسِبُها أصحابُها إلى الإسلام.
وكانتْ له مواقف عظيمة مُشرِفة سَجَّلتْهُ صفحاتُ التاريخ؛ وسيظل الأجيالُ القادمة _ بشهادة التاريخ_ قارِئِين أنه من أحسن مَنْ تناولَ موضوع ( الباي فالْ ) في الطريقة المريدية، وفَنَّدَ نِسْبة الأمر بترك الصلاة إلى الشيخ أحمد بامبا وإلى مريده الفاني الشيخ إبراهيم فال، بل أثبت أنَّ الأخير كان مُقيما للصلاة كشيخه أبي المحامد، ومُعْتنِيًا بإعمار المساجد، ودافع عن الشيخين بكل ما أوتي له مِنْ أدِلَّةٍ عِلمية مَنْقُولِها ومعقولِها.
وبسبب موقفه الصريح حول هذه القضية أُوذِيَ أيَّما إيذاء، وأُسِيءَ إلى عِرضِه، وتعرَّضَ مضايقات وهجماتٍ شرشة من جهاتٍ مُختلفة، _ وما ذَنبُه إلَّا أنه قال حَقَّا ولم يخفْ لَومَة لائِم_ لكِنَّ ذلك لم يَزِدْهُ إلَّا ثباتا على الحق وتمسُّكا بمنهجه الدعوي والإصلاحي .
وَمِمَّا يُحْمدُ له؛ مَوقِفُه المُتمَيِّزُ حول قضية الإمام علي اندو البريء، وقد وقف المرحوم بجانبه وَقْفة رجل مسلم ينصر أخاه، وساندَهُ مُسانَدَةً قوِيَّة تعَرَّضَ بسببها تُهما كثيرة وهو منها بريءٌ براءة الذئب مِنْ دَمِ ابنِ يعقوب.
وبِهذَا وغيرُه، عاشَ سرين صالح صو مومنا مسلِمًا مُحسِنًا، وعالِما داعِيا ينوي الخير لكل مسلم وإنس.
رَفَعَ الله مقامه في عِلِّيِّين، وجعل الجنة مَثْواهُ، ورزَّقنا الثَّباتَ على نَهْجِ الصالِحِين.
بقلم / الباحث: عبد الله جوب
مدير المعهد الإسلامي تيسير العسير ( دارَ سرين مور جوب لِيبَرْ ) لتحفيظ القرءان الكريم وتدريس العلوم الشرعية
لِيبَرْ سانلوى
17/ يوليوز/ 2018 م