السنغال وتطبيق عقوبة القصاص بين مطلب شعبي وضغوطات خارجية

0
365

السنغال دولة علمانية ذات سيادة دستورية تامة، تمسكت بعقوبة القصاص كحل للحد عن جرائم القتل، منذ استقلالها إلى عام 2004؛ حيث تم تنفيذ هذا الحكم على شخصين خلال هذه الفترة.
.

الأول كان في 11 يوليو 1967، على شخص يدعى عبدو ندافا فاي، الذي اتهم بقتل النائب ديمبا جوب في 03 فبراير 1967.
والثاني كان في 15 يونيو 1967، على مصطفى لوح، الذي اتهم بمحاول اغتيال رئيس الجمهورية آنذاك ليوبولد سيدار سنغور في 22 مارس 1967.

وفي 28 سبتمبر 2004 ألغت السنغال عقوبة الاعدام بموجب مشروع قانون رقم 2004-38 المؤرخ في 28 ديسمبر 2004 وقّع عليه رئيس الجمهورية – آنذاك – عبد الله وادّ وصوتّ له النواب بأغلبية ساحقة.

تُرى مالذي دفع السنغال إلى إلغاء هذا الحكم ؟؟
فعلى الرغم من أن السنغال دولة علمانية إلّا أنّ ذلك لايمكن أن يكون ذريعة لإلغاء عقوبة الاعدام؛ إذ يوجد في العالم دول متوحشة العلمانية وتتبنى بعقوبة الاعدام
كما أنه ليس ثمة مكسب لا سياسي ولا اقتصادي ولا اجتماعي، يبرهن لها إلغاء عقوبة الاعدام من دستورها ؛ وخير دليل على ذلك تفشي ظاهرة القتل في السنغال منذ إلغاء العقوبة إلى يومنا هذا، بشكل غير قابل للتصور.
يمكن القول أنه.. إذا ألغت السنغال عقوبة الاعدام من دون أيّ مكسب سياسي، فلا غرو أن يتساءل الناس عن سبب إلغاء العقوبة، وخاصة أننا في زمن انتشرت فيه الأجندة الدولية التي تبذل النفس والنفيس لمحاربة كل ما أتى به الدين الإسلامي الحنيف، وتدعو إلى حماية حقوق الإنسان وهي عنها بريئة براءة الذئب من دم ابن يعقوب.
وبالنظر إلى البيان الصحفي رقم 49/001/2004 الذي نشرته منظمة العفو الدولية والذي تؤكد فيه المنظمة ترحيبها لقرار السنغال بإلغاء قانون الإعدام ( القتل المماثل) ، كما تؤكد فيها أنها ما فتئت تقوم بحملات نشطة لإلغاء عقوبة الإعدام في غرب أفريقيا منذ أكتوبر/تشرين الأول 2003، يظهر لنا بشكل واضح أن السنغال لم تنجح من هذه الحملات، وهو الأمر الذي يحول دون رجوع هذه العقوبة – إلى الآن- رغم كونها مطلبا شعبيا.
ففي عام 2019 بعد مقتل بنت كمرا في تمباكندا، و كمب يادي في تياس في أسبوع واحد، أثار مام مختار غي جَمْرَا قضية ( عقوبة الاعدام) مطالبا عودته إلى دستور الجمهورية، وعارضه كل من سيدي غاسما؛ رئيس منظة العفو الدولية فرع السنغال، والحقوى علي تين، وبررا بأن هذا القانون يختلف مع قواعد الديمقراطية وخصوصا حقوق الإنسان.
فصدور هذا الموقف من هؤلاء الذين ينشطون لحقوق الإنسان تحت غطاء منظمة العفو الدولية التي تسعى لإلغاء الاعدام في غرب أفريقيا يوحي إلى حد كبير أنّ لهذه المنظمة دور في إلغاء هذه العقوبة.

وتشهد السنغال الآونة الأخيرة موجة كبيرة من ظاهرة القتل؛ حيث يتم قتل الإنسان البريئ لأتفه الأمور.
ويظل العلماء والمثقفون يطالبون بعودة هذه العقوبة لكنها لم تجد آذانا صاغية، ما يجعل عويلهم يذهب جفاء دون جدوى.

ويجدر بالذكر هنا أننا عندما نطلق هنا كلمة ( القصاص) نعني بها ( قتل القاتل إذا استوفت شروطه) ولا نعني بها ( الحكم بالإعدام) الذي يحمل معنى مغايرا في كثير من الأحيان مع المعنى المراد؛ أي ( القصاص).
وسواء أعادت السنغال هذه العقوبة أم لم تعدها فإنها ستظل إلى يوم القيامة الحلَ الوحيد للتخلص من هذه الظاهرة.
فحينما كان القرآن يقول ( ولكم في القصاص حياة يا أولى الألباب) كان يعلم جميع الظواهر الاجتماعية التي ستحدث على الأرض، ومالسبيل للخروج عنها.

لذا؛ أقول بأن هذا الكتاب سيظل الدستور الوحيد الذي يمكن أن يخرج البشرية من التيه العميق والظلام الدامس إلى النور المبين.

يوسف آن

LAISSER UN COMMENTAIRE

S'il vous plaît entrez votre commentaire!
S'il vous plaît entrez votre nom ici