الحكومة السنغالية لا تفهم لغة الحوار

0
417

كتب / أبو مصطفى داود يات السيريري

لقد شهد الميدان التربوي السنغالي اضرابات عارمة وحوارات عقيمة منذ بداية السنة الدراسية، وذلك إثر اتفاقيات عرقوبية، لم تف بها الحكومة، وأبرز تلك الاتفاقيات تعود إلى مطالبة الحكومة بحل نهائي في تباطؤ الإجراءات الإدارية وعدم العدالة في الوظيفة العمومية، حيث ظلّ المعلم يعيش في ظل النظام الوظيفي السنغالي كيتيم لطيم أو كغريب مريب، ومن هنا نطرح أسئلة استفسارية مفادها: هل مشكلة تباطؤ الإجراءات الإدارية ناجمة عن سياسة الحكومة الحالية؟ ولماذا لم تف الحكومة الحالية بوعودها أهي تعاني من مشكلات اقتصادية؟ ألم تنجح الحكومة في سياسة تقسيم النقابات، وزرع الصراع النقابي التنافسي بينهم، بدل أن تكوّنوا كتلة واحدة تدافع عن حقوقهم؟ للوصول إلى أجوبة بيانية لهذه الأسئلة السالفة سنجيب عن كل سؤال على حدة.

من المعلوم أن طابع الحكومة استمراري، بحيث إذا خلفت الحكومة السالفة ثغرات، تسدها الحكومة اللاحقة، بناء على ذلك فإن تباطؤ الإجراءات الإدارية الملحوظة في إجراء ملفات المعلمين سُنة استعمارية ورثتها الحكومة الحالية كابر عن كابر، لكن ذلك ليس مسوغا، في استمرار تلك السياسة الجائرة في حق المعلمين الأبطال. أضف إلى ذلك أنها اعترفت بوجودها، وعزمت على اتخاذ قرارات عاجلة لحلها نهائيا.

أما عدم الوفاء بوعودها، فيرجع إلى سجية الحكومة السنغالية، فهي تقف مكتوفة الأيادي في أمور حساسية، لا تحرّك ساكنا وتسكّن حركة حتى إذا ارتفعت الأصوات وعلت الويلات، فحينها تأتي كسيارة إسعاف بوعود خصبة، ثم ترجع إلى وكناتها، فإذا صفا الجو ورجعت الطبيعة إلى عادتها الطبيعية، عادت هي إلى طبيعتها، وتناست وعودها العرقوبية. ويبدو أن مجموعة العشرين فهموا هذه اللعبة القذرة التي تراوغ بها الحكومة الشعب السنغالي عامة والنظام التعليمي خاصة؛ لذا ما انفكت في قلب الحدث تصيح بأعلى صوتها بأن الحكومة لم تف بوعودها البيضاء، وغير مستعدة للوفاء.

أما مشكلة الاقتصاد، فلم تعد مبررة مقنعة توضع على أكفّ المعلمين، فقد ساندوا الحكومة، وصاموا عن كل الاضرابات منذ أن وطأ الوباء العالمي قدميه أرض السنغال؛ وذلك لاستئصال هذا الضيف الغير المرحّب عن أوساط أراضي “تيرانغا”، لكن في ظرف هذا الجو الصافي من كل الاضرابات، أخرجت الحكومة من جيب الشعب قيمة تعدّ بمليارات لشراء أصوات الشعب من أموالهم المغتصبة في الانتخابات المحلية، والتي حلّت عقد أغلب ممثليها في الأماكن المتنافسَة. أضف إلى ذلك رفع علاوات وتعويضات بعض الموظفين ما يقارب أعلى الراتب الصافي للمعلم الموظّف، من هنا جنّ جنون المعلمين، وعكّرت صفوة الحوار، لتلك المجموعة التي اتخذت لغة الحوار مطيّة لحلّ مشكلات المعلمين، لكنها أدركت -أخيرا- أن الحمار لا يساق إلا بالعصا، لأنه يعصي، وقد قيل قديما: “العصا لمن عصى”.

كانت المناقشات والحوارات بين الحكومة والنقابات يسودها جو من الفوضى بسبب الكمية الهائلة من النقابات، فاتفقت مع أمناء النقابات على إجراء انتخابات تمثيلة، بحيث يكون المنتخَبون هم الممثلون للحوار مع الحكومة في كل ما يخصّ المعلمين. كانت فكرة صائبة لدرجة أن الأمناء لم يفكّر العواقب الوخيمة المترتبة عليها. فاستغلت الحكومة –بعد أن تم اختيار سبع نقابات باسم مجموعة السبع- لصالحها؛ وتناقش معهم جل قضايا المعلمين، لكن بتباطؤ أبطأ من سير الحرباء، ما أملأ صدور المعلمين بغضا وغضبا؛ فهتفوا بأعلى أصواتهم داخل الفصول ذوات الجدران الأربعة؛ بأن حواركم هذا لن يجدي جدوى مجدية، ولن يثمر ثمرة يانعة، بل لا بد من الاضراب؛ لأن الحكومة لا تعي لغة الحوار، لكن تفهم لغة النضال؛ لذا يمكن القول أن الحكومة نجحت في تقسيم النقابات فرقا وشعبا، لكنها تجهل، أنها تتعامل مع ذوي المهارات العالية والذكاءات المتعددة، فخدعتهم لن تدوم لن تدوم لن تدوم أبدا.

من خلال ما سبق يمكن القول، أن الحكومة الحالية ورثت إرثا مفعما بالمشاكل، وهي على دراية تامة عن كنهها، لكنها لم تتخذ الإجراءات اللازمة لحلها، لا من جانب اقتصادي، ناهيك عن جانب اجتماعي. وتقسيم النقابات كانت مجردة فكرة صائبة بريئة، لكن الحكومة، استغلتها بصفة عن حين غفلة الأمناء. وعليه، فعلى الأمناء أن يتكاتفوا ويجمعوا مجهوداتهم لمواجهة هذه الحكومة للحصول على حقوقهم، وإعادة مكاناتهم في نظرة المعلمين. أخيرا أيها المعلمون لا تلتفتوا إلى مكافآت اللاعبين الأبطال، فإنهم في قلوب الشعب، وهو لن يرحم من يسيء إليهم.

LAISSER UN COMMENTAIRE

S'il vous plaît entrez votre commentaire!
S'il vous plaît entrez votre nom ici