تجولات سونكو المسائية… عادية عفوية أم مناورات استفزازية.

0
127

كتب / حماه الله شيخنا صو
مجاز في العلوم السياسية والإدارية.
متخصص وباحث في إدارة المؤسسات وريادة الأعمال.

التمهيد

تجولٌ آخر مساء اليوم في سوق كلوبان بداكار، بعد زيارة وتجول مسائي أمس في حي برسيل أسني لزعيم المعارضة السيد عثمان سونكو، وتأتي هذه الزيارات بعد دعوته أمام القضاء 2 فبراير الماضي بتهمة الافتراء على السيد الوزير مام مباي نيانغ، والتي أعرض عن حضورها سونكو، مع العلم أنه موضوع تحت الحرية المؤقتة ورقابة القضاء في قضية أخرى للاغتصاب. فيا ترى هل الجولات فجائية عفوية أم أنها حملات استراتيجية انتخابية للرئاسيات القادمة قبل أوانها؟ أو هل هي مناورات جماهيرية لإقلاق الخصام في الساحة السياسية؟ أو هل هي استفزاز للسلطات لاعتقاله أو على الأقل وضعه في الإقامة المحروسة؟ وما تداعيات اعتقاله في أمن واستقرار البلاد؟

قبل حين من الدهر لم يكن سونكو شئيا مذكورا، بل إن حزب الحاكم خلقه بأمشاج من الظلم فهداه الشعب سبيل البرلمان وجعله عزيزا مشكورا.

لقد أصبح عثمان سونكو ظاهرة سياسية واجتماعية فذة في الأوساط السياسية الاجتماعية السنغالية. فقد أعاره نسبة كبيرة من الشعب السنغالي، سيما شريحة الشباب منه، آذانهم الصاغية وقلوبهم الشاغفة مع جوارحهم الطائعة لأوامره ومبادراته.

فقد جمع قبل شهر بالمساهمات المالية من محبيه ما يزيد على 333مليون سيفا في مبادرة Nemmeeku Tour2023، والتي تعد زيارات تفقدية للسنغاليين في مدنهم، قراهم، أحيائهم وداخل بيوتهم. وهي مبادرة لم يسبق له في الساحة السياسية في السنغال.

ولا يخفى على أي متابع للأوضاع السياسية في السنغال، توترها وإثارتها للقلق في هذه الآونات والتي نعيش فيها نهاية الولاية الثانية للرئيس الحالي السيد ماكي صال، وبداية إعلان ترشحات أعضاء المعارضة للانتخابات الرئاسية القادمة في ظل الصمت الناطق للرئيس صال عن نية ترشحه في الانتخابات القادمة مع العلم أن أعوانه في الحزب الحاكم جعلوه مترشحهم الأول والأخير في انتخابات2024 لولاية ثالثة!

و نعيش في هذه الآونات ذاتها تتابع الدعاوى القضائية التي بلغت لحد الآن ثلاث دعاوى تخص زعيم المعارضة السيد عثمان سونكو، والتي تتكون من قضية اغتصاب، قضية افتراء ودعوى جديدة بشأن فضح واتهام وتعريض حياة شرطي على خطر والتي لم تفتحها النيابة العامة إلى الآن. وفي ظل هذه الدعوى يزداد أعوانه استعدادا وتأهبا للحفاظ عليه.
وهذا ما نلاخظه بين اليوم والأمس من خلال تجولاته غير الملعنة في أحياء دكار، وبالتي تواكب خروجا سريعا وهائلا للأفراد في الشوارع لاستقباله ومرافقته وتأييده بشعارات وتصفيقات…
ويأتي هذه التجولات الجديدة من سونكو، كتحد صريح للسلطات الحاكمة وكسر هيبتهم وإظهار ضعفهم أمام العالم،وذلك عقب اعتقال أفراد من أعضاء حزبه في مدينة جربيل البعيدة أثناء المشاركة في برنامج WeurNombo الذي يهدف إلى تشجيع وتثقيف المراهقين على التسجيل في اللوائح الانتخابية. ففي حين أن السلطات تعتقل شبابا ضعافا بتهمة التجول أو المشاركة في مظاهرة غير مرخصة فها هو سونكو ينشئ تجمعات كبيرة في الطرق العامة وإخلالا للنظام العام، وأمام ثكنة Samba Diery Diallo العسكرية الكبيرة للدرك الوطني في تجوله اليوم، حيث اعتقل أيام مارس 2021، وذلك في قلب العاصمة داكار وبدون رخصة ولا إعلان!!

وقد تكون الجولات كجواب مسبق للقائلين بأن أحداث مارس 2021 لن يتكرر وأن الدولة وقواها الأمنية في غاية التأهب لأي مظاهرات مثيرة للفتن في البلاد، ما يجعل سونكو يبرز لهم عضلاته الجماهيرية، وأنه في حماية الشعب فلا يخاف بخسا من حريته ولا رهقا في ترشحه. وبالتالي فإن أي محاولة لاعتقاله أو حتى وضعه في الإقامة المحروسة سيجعل البلاد في متاهات واضطرابات واسعة ستشمل جميع أنحائها، لعلمنا بأن الرجل لم يعد يقبل بالتعدي على حقوقه التي يعتبرها دستورية وأنه في مرحلة يرد فيها الصاع بالصاع والفتنة والفتنة كما اصطلح عليها بـِ Gatsa-Gatsa.

وقد تكون للتجولات تأويلات أخرى، بيد أن المؤكد هو كون الوضع السياسي غير آمن وأكثر ما يقلق هو صوم السلطات الدينية عن الأوضاع السياسية، وأيضا صمت رئيس الجمهورية عن مسألة الترشح للولاية الثالثة التي يناوئها التجمعات المدنية ناهيك عن المعارضة وبعض من الحزب الحاكم.
فهل سيبقى المعسكر الحاكم مكتوف الأيدي أمام استفزاز أكبر وأشد معارض عرف الرئيس صال؟ أم أنهم يكيدون له كيدا؟ وماذا يكيد أنصاره حنئذ؟ فلنمهل رويدا لينجلي الغبار…

LAISSER UN COMMENTAIRE

S'il vous plaît entrez votre commentaire!
S'il vous plaît entrez votre nom ici