مقالة : تحديات اللغة العربية في السنغال : الاستعمار والعربية في البلاد :

0
337

مع محاولة الحد من انتشار اللغة
العربية وثقافتها في السنغال من
قبل الإستعمار ، فقد انتعشت وانتهضت رغم انفه ، فشاء القدر أن تكون لغة
الإدرة، حينا من الدهر ، يستخدمها المستعمر غصبا عنه في التواصل الرسمي ريثما يستبدلها باللغة الفرنسية ، والتي كان الكثير من الشعب يكرهها ، وخاصة من لهم اتصال بالثقافة الإسلامية ، لأنهم كانوا يرونها عرقلة للدعوة الإسلامية وعائقة لنشر التعليم الإسلامي عن طريق تعليم القرآن
الكريم وهو كان كذلك .

موقف الشيوخ الدعاة في البلاد:

ولهذا عاجلهم مشايخ البلاد ، من أهل الغيرة على دينهم ، بالمثل بربط تعلم اللغة الفرنسية بحركات التبشير
والتنصير فسموهم ومن تعلق بأذيالهم نصارى ؛ الأمر الذي خوف الكثير من أفراد الشعب السنغالي المسلم ، في البداية ، تعلم اللغة الفرنسية تهربا من التنصر ، وكان ذلك للدفاع فقط عن التعليم القرآني وحماية الثقافة العربية ، فنجح في ذلك شيوخ الإسلام إلى حد بعيد في إبقاء أسرهم وأتباعهم في التعلم القرآني والثقافة الإسلامية
ولغتها العربية ، فانفتحت حلقات التحفيظ فى البلاد وأقيمت المدارس والمعاهد العربية في أقاليمها , فنشط التعليم العربي الإسلامي على النحو
الذي شوهد في البلاد إلى اليوم .

حركة التغريبب :

زادت على ذلك حركات التغريب ،
وإن شئت قلت الإستعراب ، السفر
إلى الدول العربية للمزيد من التعمق
في الدراسة ٫ فانهض دارسو اللغة العربية وانفروا خفافا وثقالا أشتاتا
في البلاد العربية ؛ فكانت النتيجة
هذا الكم من حاملي الشهادات بمختلف تخصصاتها ، ولم يعامل جلهم على ما ينبغي بعد العودة إلى البلاد ، جهلا من المعنيين بالأمر واعتقادا منهم أن اللغة العربية ليست إلا لغة الدين ليس إلا ، فزجت غالبيتهم في وزارة التربية والتعليم فزاد الطين بلة ، وأصبح الجميع ، من رغب ومن لم يرغب ، مدرسي اللغة العربية ؛ ونتج عن هذا ضعف مستوى التعليم العربي في الإعداديات والثانويات التابعة للتعليم العمومي ، أثر هذا الضعف في القسم العربي بجامعة شيخ أنتا جوب ، إذا قورنت بلغات أخرى أجنبية في المستوى نفسه ، ذلك أن جل مدرسي هذه اللغات لا يحسنون غيرها في التعليم ، بمعنى أنهم خريجو هذه اللغات (الإنجليزية والإسبانية والبرتغالية مثلا) , وعليه فانخراطهم في التعليم عادة ما ينم
عن رغبة وشوق ، بالإضافة إلى وجود دعم قوي لهذه اللغات من قبل أصحابها الأصليين ، بخلاف هذه اللغة العربية
اليتيمة ، فالعامل فيها كثيرا ما يكون مجاهدا ومتطوعا .

مشكلة توحيد الشهادات العربية :

ما كان ينبغبي أن تكون مشكلة في
توحيد الشهادات العربية في السنغال،
لأنها تعتبر قفزة مباركة في تنظيم وتطوير تعليم اللغة العربية ، وتداركه
من الفوضى الذي كان يسود هذا النمط من التعليم العربي ، حيث كان يحلو لكل جمعية أو معهد أو مدرسة أن تتفنن
في تشكيل ووضع شهاداتها العلمية كما تريد
بلا رقيب ولا حسيب ، وأصبحت
فوضى ساعدت هي الأخرى في ضعف بعض المستويات العلمية ، حيث تكون الشهادة هي المعتبرة في قياس مستوى حاملي هذه الشهادات والواقع بخلاف ذلك !

ومشكلة الشهادة الثانوية العربية في
السنغال تكمن في عدم التفكير مسبقا
في إيجاد جامعات ومعاهد عليا تضمن
لأصحاب هذه الشهادات إمكانية
مواصلة دراساتهم الجامعية ، ففوجؤوا
أن قبلوا في أقسام لا يحسنونها ولا يرغبون فيها ؛ وبما أن القسم العربي
في جامعة (شيخ أنتا جوب بدكار)
لا يستوعب كل هؤلاء ، ونظرا لأن الحصول على منح دراسية في الدول العربية لم يعد سهلا ، وأصعب
منه محاولة البقاء فيها للدرسة بلا
منحة دراسية ، توقفت دراسة الكثير ممن لم يحسنوا الفرنسية من هؤلاء إلى درجة تمكنهم من متابعة الدروس الجامعية بها بالنسبة
للدفعة الأولى من هذا النظام الجديد وتحولوا إلى مجالات أخرى مضطرين !

وفي نظام التعليم العربي الجديد ، بدمج اللغة الفرنسية فيها مع مواد
أخرى استعدادا للشهادة الثانوية ،
يهيء الطالب , الدفعات التالية ، بعد الحصول على هذه الشهادة هجران
اللغة العربية إلى أقسام أخرى ، لأنه أولا لم يعد لديه مشكلة اللغة الفرنسية تمنعه من متابعة دروسه الجامعية في اي قسم يختاره ، ثانيا لوجود التنوع
في التخصصات في تلك الأقسام التي لا تدرس فيها اللغة العربية ، فيختار
ما يشاء من تخصص ، ويهجر اللغة العربية في هذه المرحلة الجامعية
لهذا السبب الذي ذكر ، فيكون لذلك
رده العكسي على اللغة العربية .

جهود لإيجاد حلول لهذه المشكلة :

ذكرت سابقا جهود الشيوخ الدعاة
السنغاليين في الدفاع عن الإسلام وحماية التعليم العربي الإسلامي ،
وأنهم كانوا وراء نهضة اللغة العربية
التي يرونها وعاء العلوم الإسلامية في تعليمها ونشرها ، هذه الجهود الأهلية المباركة لا تزال هي الأمل في إقامة معاهد وجامعات علمية إسلامية وعرببة لضمان استمرارية الدراسة العربية لهؤلاء الراغبين فيها.

نموذج جامعة الشيخ أحمد بمبا بطوبى :

على المعنيين بأمر اللغة العربية وخاصة شيوخ البلاد أن يحظوا حظو طوبى في إقامة جامعات إسلامية عربية في حواضرهم الإسلامية، حيث أن الأمر يتطلب إمكانات مادية ومعنوية ، وذلك لتفعيل حركة الدعوة الإسلامية والترغيب في إيجاد كوادر على مستوى عال في الوعي الإسلامي والثقافة العربية ، ليتسنى لكل من يرغب أن ينضم إليها طالبا أوباحثا ، لأن وضع السنغال في اللغة العربية ووزن حاملي الشهادات العربية والإسلامية فيه يتطلب ذلك ، كما هو الحال في نيجيريا حيث توجد جامعات ومعاهد عربية تسمح لمنتسبيها أن يتدرجوا في السلك التعلمي إلى أعلى المستويات دون الحاجة إلى السفر إلى الخارج ، وبهذا يفسح المجال للجيل الصاعد أن يسدوا الفجوة ويعيدوا للغة العربية مكانتها
في المجتمع السنغالي .

ومن سنوات بدات تظهر في الأفق نوعية من الدراسات عن بعد ، عبر الشبكات الإجتماعية مواكبة لعصر التقنيات ، ساعدت الكثير على تجاوز هذه المعضلة فأصبحوا مواصلين دراساتهم الجامعية وباحثين في مراحل عليا ؛ وقد خطت الجامعة إلإسلامية الأمريكية بمنيسوتا خطوات مباركة في هذا المجال ففتحت فرع السنغال ، تخرج فيه لحد الآن عدد لا بأس به في مختلف المراحل الجامعية (ليسانس ، ماجستير ، دكتوراه) ، وهناك جامعات أخرى على هذا المنوال ، إلا أن هذه النوعية من الدراسة أكثر ما تناسب العاملين والموظفين الذين يستطيعون أن يتكيفوا معها ويتحملوا تكاليفها ؛
وهناك كلية أوكليات عربية محلية ولكنها لا تفي بطلبات الراغبين ؛ وكلما انتشر هذا التعليم العربي الجامعي
كان دعما للعربية وضمانا لنهضتها وتسهيلا لطالبيها .

       أحمد بكار أحمد الشيخ
                  نيانغ
      دكار 25 يوليو 2024م

LAISSER UN COMMENTAIRE

S'il vous plaît entrez votre commentaire!
S'il vous plaît entrez votre nom ici