الدكتور محمد بوزنكاض الأمين العام للاتحاد الإفريقي للأكاديمين العرب والمستعربين بالمغرب في حوار مع دكارنيوز .حوار :

بعد تأسيس الاتحاد الإفريقي للأكاديمين العرب والمستعربين الذي يجمع كوادر الجامعيين والأساتذة في مختلف الدول الإفريقية تحت إطار خلق فرص التعاون بين المؤسسات التعليمية، أجرى موقع #دكارنيوز حوارا مع أمينه العام سعادة الدكتور محمد بوزنكاض من المغرب .

•حضرتكم بعد التحية العطرة، يعتبر تأسيس الاتحاد الافريقي للعرب والمستعربين أحد أهم المستجدات التي شغلت حيزا مهما في نقاشات النخب الأفريقية بالرغم من حداثة تأسيس هذا الاتحاد، كيف يمكنكم تعريف هذا الإطار الجديد؟

شكرا لمنبركم الإعلامي الرائد، والشكر الموصول لكل نساء ورجال الإعلام بالسنغال وبعموم أفريقيا، كما أجزل التحية بمناسبة اليوم العالمي للمرأة لكل نساء الإعلام وعموم نساء القارة.
وبخصوص سؤالكم ، فالاتحاد الإفريقي للأكاديميين العرب والمستعربين هو إطار مدني وأكاديمي يعزز المشهد الأكاديمي والمدني والثقافي بالقارة تأسس بالمملكة المغربية على هامش المؤتمر الدولي الذي نظم بأكادير في موضوع “الناطقون بالعربية في أفريقيا جنوب الصحراء: مطالب الهوية وأسئلة المرحلة” ، مابين 24/25/26 فبراير الماضي، بمشاركة باحثون يمثلون 18 بلدا من عموم إفريقيا، وهو بنية عالمية تضم فئة الأكادميين والأساتذة الجامعين والباحثين والنخب المثقفة من العرب والمستعربين بأفريقيا ومنفتح على كل الأطراف التي تشترك معنا في نفس أهداف الاتحاد، و أنشطته موجهة للعناية بالثقافة العربية واحتضان المستعربين بالقارة ودعم مجهوداتهم في خدمة الثقافة العربية والإسلامية، باعتبارها أحد مكونات الهوية الأفريقية المركبة والغنية، والتي تستحق منا كل التشجيع والتثمين.

•حدثنا عن أسباب ودوافع تأسيس الاتحاد الأفريقي للأكاديميين العرب والمستعربين؟

تعرف القارة الإفريقية تحولات عميقة تعزز الوعي بالذات الإفريقية ومقوماتها و تخلق أجواءًا من الثقة في إمكانيات أفريقيا ومواردها المادية والرمزية، وتستوجب تثمين مقدراتها، والاستثمار في عناصر الخصوصية التاريخية والترابية للقارة، وفي هذا الإطار تشكل العناية بالإرث التاريخي للقارة ولغاتها المحلية وتنوعها الثقافي أحد أبرز مداخل تنمية دول أفريقيا، وإصباغ المضمون الاجتماعي على السياسات التنموية لهذه الدول، وتعزيز المشترك الاجتماعي والثقافي والديني والحضاري لشعوبها، ومنها اللغة والثقافة العربية وحاملي هذه الثقافة التي تشكل مشتركاً حضارياً بين عدد كبير من شعوب العالم.
في هذا السياق وجدنا أن هناك حاجة لمواكبة هذه الدينامية الاقتصادية والسياسية بين دول القارة عبر دينامية ثقافية تتيح انخراط الفاعل الأكاديمي والمثقف في منظومة الفاعلين القاريين، في أفق الاضطلاع بأدواره في تأطير النقاشات الفكرية التي تهم شعوب القارة، وتعميق التشاور والتنسيق، وخلق فضاءات للنقاش البناء؛ بغاية النهوض بأعباء المسؤولية الملقاة على عاتق المثقفين من باحثين وأدباء وشعراء ومنتجي محتوى ثقافي بمختلف المستويات، في إنتاج وتوجيه الرأي العام بما يخدم بناء الدول الحديثة ومواجهة التحديات الاقتصادية والأمنية والثقافية، وتعزيز المشترك الوطني والقاري بين شعوب القارة الأفريقية، وإسناد مجهودات الفاعل السياسي عبر الاستشارة والخبرة والقوة الاقتراحية، وغير ذلك من المهام التي من شأنها تكريس الالتقائية في عمل الفاعلين بمختلف مستوياتهم.
وبذلك فإن تأسيس الاتحاد يأتي استجابة لمقتضيات السياق المجتمعي والسياسي الذي تمر منه دول القارة، وما يفرضه من خلق إطار حاضن لأكبر عدد من المثقفين والنخب للتداول في قضايا المشترك والفرص والتحديات المختلفة التي ترهن مستقبل تنمية الشعوب الأفريقية أمنيا وسياسيا واقتصاديا وثقافيا وايكولوجية، وإنتاج خلفية معرفية لاشك في أنها ستسند وترفع من ضمانات نجاح الاستراتيجيات التنموية المختلفة، وتقوي ثقة الحكومات في نخبها.

•ماهي أهداف وأولويات تأسيس الاتحاد الأفريقي للأكاديميين العرب والمستعربين؟

يتخذ الاتحاد الأفريقي للأكاديمين العرب والمستعربين من العناية بالثقافة العربية وحامليها بأفريقيا أحد أبرز أهدافه، والدفاع عن هذه الثقافة وتوثيقها وتشجيع التأليف والنشر والاحتفاء برموز هذه الثقافة واحتضان النخب المستعربة بأفريقيا ومبادراتها المختلفة وتقديم المشورة للحكومات في ماله علاقة بالمجموعات المستعربة بأفريقيا جنوب الصحراء.
وبذلك فالاتحاد هو بمثابة فضاء للتفكير حول القضايا الراهنة للقارة الأفريقية في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية، ويحاول المساهمة في تأطير النقاش الثقافي واللغوي بالقارة بما يخدم بناء الدولة الحديثة ويعمق شروط السلم والتكامل الثقافي الذي يبني المشترك بين مختلف مقومات الهوية الأفريقية؛ ويسعى إلى الاستثمار في المشترك الثقافي والحضاري بين دول القارة، ويتطلع إلى المساهمة في إعطاء المعنى الشمولي لشراكة جنوب – جنوب لتشمل الأبعاد الثقافية والحضارية على غرار الجوانب الاقتصادية والسياسية.

  • كيف يمكنكم التوفيق بين صفتكم كاتحاد أكاديمي والعمل المدني المنفتح على المجتمع ؟

الاتحاد الأفريقي هو بنية عالمة تأسست بمبادرة من باحثين وأكاديمين يمثلون معظم دول القارة وموجهة لاحتضان أنشطة النخب المثقفة من باحثين وأساتذة جامعيون وأدباء وإعلاميون من كل الانتماءات على أرضية أهداف محددة ونبيلة، ولذلك فقد حرصنا أن تحتضن الجامعة فعل التأسيس وأن نوطنه مرحليا في كلية الٱداب والعلوم الإنسانية بجامعة ابن زهر بأكادير في المملكة المغربية، وعلى هامش مؤتمر علمي توج بتوقيع اتفاقية شراكة متعددة الأطراف لأربعة عشرة مؤسسة جامعية ومركز بحث، لذلك فقد جاء تأسيس الاتحاد ضمن أحد بنودها، مما يجعل مبادرة تأسيسه جاءت تنفيذ لاتفاقية شراكة بين عدد غير مسبوق للبنيات والمؤسسات الجامعية التي تشترك في أهداف خدمة الدراسات الإفريقية والثقافة العربية الإسلامية من خلفيات علمية متعددة، لذلك فإن الاتحاد يسعى من بين أهدافه إلى مأسسة الشراكة بين الباحثين والمؤسسات الجامعية بدول القارة وتسهيل حركية الطلبة والأساتذة الباحثون خدمة لإشعاع الجامعات الأفريقية والعمل الأكاديمي الذي تحتضنه الجامعة تدريسا وتأطيرا وتأليفا.
كما سيحاول الاتحاد الأفريقي للأكاديميين العرب والمستعربين بما يحتضنه من باحثين ومايقوم به من مبادرات أن يدفع الجامعات وبنيات البحث خاصة بالمغرب إلى الانخراط في الدينامية التي تعرفها العلاقات الأفريقية إقتصاديا وسياسيا، وتعزيز مبادئ الالتقائية في العلاقة مع مختلف الفاعلين.
بالرغم من أننا في طور بناء رؤية عمل الاتحاد، إلا أن التصور الأولي يجعلني أقول أننا حرصنا على أن يكون التأسيس من داخل الجامعة باعتبارها ضمانة لقوة ومصداقية العمل، وباعتبار أن الفئة المعنية يجمعها الانتماء إلى فضاء الجامعة (أساتذة وطلبة)، كما أن الأمر يعكس تشبثنا بالعمل من داخل المؤسسات، إلا أن عملنا يتجاوز أسوار الجامعة ليتفاعل مع كل القضايا المجتمعية بخلفية علمية – أكاديمية ووفق منظور منفتح على مختلف الفعاليات خاصة المدنية يقينا منا أن المجتمع المدني هو الحاضن لمختلف الأنشطة، و أن المسؤولية الحقيقية تكمن في المساهمة في تأطير المجتمع خاصة وأن بناء الدولة الحديثة قضية وعي تستوجب عملا ممتدا في الزمن ومجهود استثنائي، وأن الفئة المثقفة أقدر على القيام بهذه المهام بما تحظي به من سمعة جيدة ومكانة محترمة في مختلف الأوساط.

  • ماهي رسالة الاتحاد الأفريقي للأكاديميين العرب والمستعربين؟

الاتحاد يضم مثقفين بالمعنى العضوي المنفتحين على قضايا بلدانهم وقارتهم، ويسعى إلى المساهمة في تنفيذ مشروع مجتمعي أو على الأقل لفت الانتباه إلى أفق للعمل المشترك، ورسالته أن مسار بناء الدولة الحديثة في مجتمعاتنا يحتاج إلى انخراط الجميع، وهو مسار طويا يمر عبر بناء قيم مدنية إيجابية لمجتمعات متحضرة تتمثل اللغة والثقافة ليس من منطلق المركزية وإقصاء الأخر بل من منظور الحاجة لتقوية مناعة الذات ونموذجها القيمي والحضاري أمام مختلف التحديات، وإن العمل القطري / الوطني في مختلف القضايا يضل محدود في سياق يتجه فيه العالم إلى التكتل الاقتصادي والسياسي ويحاول بلدانه خلق مشترك ثقافي وحضاري وإن لم موجودا (حالة الاتحاد الأروبي)، وكيف الحال بالنسبة لافريقيا التي ترتبط دولها بإرث حضاري وإنساني عميق يجب أن تستثمر فيه لتحقيق أهداف التنمية بمختلف مستوياتها، لذلك فإن رسالتنا للدول هي توجيه العناية إلى الثقافة والمشتغلين بها وبلورة سياسات ثقافية تروم استثمار الراسمال اللامادي والثقافي في إنتاج الثروة وتحقيق التنمية، خاصة وأن شعوبنا تنظر للثقافة في بعدها الرمزي والعبرة لديها في كل سياسة فيما تخلقه من أثر معنوي ورمزي على حاملي هذه الثقافة.

•ماهي كلمتكم الأخيرة ؟

ندعو كل النخب الأفريقية خاصة من المستعربين إلى الالتفاف ما أمكن على هذه المبادرة التي نسعى إلى أن تشكل نموذجا للعمل المدني والثقافي القاري ونتطلع إلى تنفيذ برامج نوعية تعطي لوجودنا هوية ومصداقية، ونحن سعداء بالترحيب والتفاعل الذي وجدناه في أوساط النخب الإفريقية بمختلف مستوياتها لأن الاتحاد الذي نبتغيه هو لكل أفريقيا وليس للعرب والمستعربين فحسب.
أما كلمتنا الأخيرة فهي عبارة عن شكر وتقدير لعملكم المميز ولجميع الطاقم الإعلامي في موقع “دكارنيوز” المتميز الذي يسعى إلى تغطية جميع الأحداث السنغالية والأفريقية باللغة العربية ليكون في متناول الجميع وخصوصا النخبة المثقفة من القارة وشكرا لكم على استضافتكم لنا ولهذه الفرصة الثمينة التي قدمتموها لنا للتعبير عبر هذا المنبر الإعلامي.