مقال : يوادّون من حادّ الله ورسوله…

0
313

بقلم / محمد جميل اندوي.

ثمة داء بدأ يدبّ في عروق كثير من المسلمين السنغاليين، بعد الأحداث السياسية الساخنة التي عاشتها البلاد، ودعوة الرئيس لجميع القوات الحية إلى الحوار ، الحوار الذي أثار بلبلة، ورفع عجاجا ولجاجا، مابين منكر لا يرى للحوار مع الأصم فائدة، ولا منفعة، ترتجى منه، ومؤيد يرى أن جميع الحروب ينتهي بها المطاف إلى طاولة المفاوضة والحوار، غير أن الشعب المسكين، فيظل ضحية، إن كانت عنايته بالقضية عناية قشور وأشكال، لا يلمس اللباب ولا الموضوع.

إن الشعب السنغالي الأبي وصلت بهم هذه المصيبة السياسية الدهماء، والفتنة الحكومية الصماء لحدّ النخاع، فصاروا يلوكون بأسنانهم كل من يعرفون له صلة مع الرئيس، أو قرابة سياسية معه، وينهشونه كما ينهش الجيفةَ العقبانُ، كما وصلت بهم الجهلة إلى الاعتقال أن كلّ من تكلم بالعربية فهو فقيه، أو أن كل فقيه رمز يمثل الدين أيّما تمثيل، الأمر الذي جعلهم يرشّون التعنيفات، ويزفّون الهجمات على بعض البيوتات الدينية التي كانوا يأوون إليها، باعتبارهم قيادات هزيلة، و تجمعات أسرية أخذت الإسلام وسيلة لكسب المعيشة، بعدما رأوا فيها موالاة للرئيس على حساب الشعب، وانصلاقا من هذا المنظور، سنقول:

أولا: أن هذا الشعب المغلوب عن أمره، أصبح كالمحامي الذي يجهل كلّ ما يخص قضيته، فاختلط عليه الحابل بالنابل، وحمّل القضية السياسية ما لا تطيق، فزعم أن المشيخة الدينية التي خابت مسعاه، وضلت طريقها، ولم تقم بدورها الديني، فكل تصرفاتها تقع تحت عاتق الإسلام، ما حملهم بعد تصريحات الكنيسة الكاثوليكية الأخيرة، ينعتونها بشتى صنوف العدل والإنصاف، ويرشّون عليها باقات المدح والثناء، فذهب ببعضهم إلى حدّ المقارنة بينها وبين دين الإسلام الحنيف، أو تنقيطهما اتباعا لشيطانة الهوى، فهذا إن دلّ على شيء فإنما يدل على سوء فهمهم للدين، الذي لا يمثله رجل أو رجلان، بل هو شريعة منزلة من لدن حكيم خبير، لا يخالطه شوائب، ولا يكدّره صوارف، وأنه يبقى قائما بقدميه، ولو كان الجميع ينفرون منه.
ثانيا: أن من الشيوخ الدينين من كانوا للحكومة بالمرصاد، ووقفوا أمامه موقف رجل صلب، وصمدوا على وجه العواصف، ولم يظهروا ضعة أو استكانة، أو يبرزوا خسّة ودناءة، بل واجهوا الأسدَ داخل عرينه لانتزاع الفريسة من بين مخالبه، فكلّفهم ذلك ثمنا باهظا، وكلفة غالية، غير أنهم آثر البقاء في صف الشعب، رغم المغريات التي وُضعت أمامهم، ممثلين قوله صلى الله عليه وسلم: ( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة).
وعلى هذا، يجب أن لا نكون ريشة في مهب الريح، وأن نحمل الأمور فوق معانيها، فلا يجوز الاعتماد على صنف واحد من الناس، لإصدار حكم على دين بأكمله، أو نزعة بأسرها، وطائفة بكاملها.
#جميل

LAISSER UN COMMENTAIRE

S'il vous plaît entrez votre commentaire!
S'il vous plaît entrez votre nom ici